قوله تعالى: {ولقد قال لهم هارون من قبل} أي: من قبل أن يأتي موسى {يا قوم إِنما فتنتم به} أي: ابتليتم {وإِن ربَّكم الرحمنُ} لا العجل، {قالوا لن نبرح عليه عاكفين} أي: لن نزال مقيمين على عبادة العجل {حتى يرجع إِلينا موسى} فلما رجع موسى {قال يا هارون ما منعك إِذ رأيتهم ضلُّوا} بعبادة العجل {ألا تتَّبعني} قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: {ألا تتبعني} بياء في الوصل ساكنة، ويقف ابن كثير بالياء، وأبو عمرو بغير ياء. وروى إِسماعيل بن جعفر عن نافع: {ألا تتبعنيَ أفعصيت} بياء منصوبة. وروى قالون عن نافع مثل أبي عمرو سواء. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: بغير ياء في الوصل، والوقف. والمعنى: ما منعك من اتباعي. و{لا} كلمة زائدة.وفي المعنى ثلاثة أقوال.أحدها: تسير ورائي بمن معك من المؤمنين، وتفارقهم. رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس.والثاني: أن تناجزهم القتال، رواه أبو صالح عن ابن عباس.والثالث: في الإِنكار عليهم، قاله مقاتل.قوله تعالى: {أفعصيت أمري} وهو قوله في وصيته إِياه {اخلفني في قومي وأصلح}. قال المفسرون: ثم أخذ برأس أخيه ولحيته غضباً منه عليه. وهذا وإِن لم يذكر هاهنا، فقد ذكر في [الأعراف: 150] فاكتُفي بذلك، وقد شرحنا هناك معنى {يا ابن أم} واختلاف القراء فيها.قوله تعالى: {ولا برأسي} أي: بشعر رأسي. وهذا الغضب كان لله عز وجل، لا لنفسه، لأنه وقع في نفسه أن هارون عصى الله بترك اتِّباع موسى.قوله تعالى: {إِني خشيتُ} أي: إِن فارقتُهم واتبعتك {أن تقول فرَّقت بين بني إِسرائيل} وفيه قولان:أحدهما: باتباعي إِياك ومن معي من المؤمنين.والثاني: بقتالي لبعضهم ببعض.وفي قوله تعالى: {ولم ترقب قولي} قولان:أحدهما: لم ترقب قولي لك: {اخلفني في قومي وأصلح}.والثاني: لم تنتظر أمري فيهم.